الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***
قلت: أرأيت لو أن عبيدا لأهل الحرب أسلموا في دار الحرب أيسقط ملك ساداتهم عنهم أم لا؟ في قول مالك. قال: لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا أرى أن يسقط ملك ساداتهم عنهم إلا أن يخرجوا إلينا إلى دار الإسلام فإن خرجوا سقط عنهم ملك ساداتهم ألا ترى أن بلالا أسلم قبل مولاه فاشتراه أبو بكر فأعتقه وكانت الدار يومئذ دار حرب لأن أحكام الجاهلية كانت ظاهرة يومئذ فلو كان إسلام بلال يسقط ملك سيده عنه لم يكن ولاؤه لأبي بكر ولكان إذا ما صنع في اشترائه إياه إنما هو فداء فليس هذا هكذا ولكنه مولاه. وأما الذين خرجوا إلى دار الإسلام بعد ما أسلموا وتركوا ساداتهم في دار الشرك فهؤلاء قد أعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهم إلى دار الإسلام وهم عبيد لأهل الطائف الذين نزلوا على النبي عليه السلام فأسلموا وساداتهم في حصن الطائف على الشرك فأعتقهم الإسلام وخروجهم إلى دار الإسلام كذلك فعل النبي عليه السلام. قلت: أما بلال فإنما أعتقه أبو بكر قبل الهجرة قبل أن تظهر أحكام النبي عليه السلام فليس لك في هذا حجة وإنما كان يكون هذا حجة على من خالفه لو كان هذا بعد هجرة النبي عليه السلام وظهور أحكامه. قال: هي الحجة حتى يأتي ما ينقضها ولا نعرف أنه جاء ما ينقض ذلك. قال ابن القاسم: ولو خرج العبيد مسلمين من دار الحرب وساداتهم مسلمون في دار الحرب ثم خرج ساداتهم بعد ذلك ردوا إليهم وكانوا عبيدا لهم ولم يعتقوا. ولو دخل المسلمون دار الحرب فأصابوا بها عبيدا مسلمين وساداتهم مشركون كانوا أحرارا ولا يردون إلى ساداتهم إن أسلم ساداتهم بعد ذلك لأنهم حين دخل إليهم أهل الإسلام فكأنهم خرجوا إليهم. قلت: أرأيت لو أن عبدا لرجل من المشركين في دار الحرب أسلم فدخل رجل من المسلمين إليهم بأمان فاشتراه أيكون رقيقا أم لا؟ في قول مالك. قال: لا أحفظ قول مالك في هذه المسألة بعينها ولكن أراه رقيقا لأنه لو أسلم عبد حربي في دار الحرب ولم يسلم سيده وهو في دار الحرب والعبد في يديه كان رقيقا ما لم يخرج إلينا فإذا باعه قبل خروجه إلينا فهو رقيق مثل ما صنع مولى بلال وشراء أبي بكر بلالا. قال: ولكن مالكا قال في عبد من عبيد المسلمين سباه أهل الشرك فاشتراه منهم رجل من المسلمين أنه رقيق فكذلك العبد إذا أسلم في دار الحرب ومولاه حربي أنه رقيق إن اشتراه منه أحد من المسلمين فهو رقيق له ولو أسلم عليه سيده في دار الحرب قبل أن يخرج إلينا كان رقيقا له. قال سحنون: وقال أشهب إذا أسلم العبد في دار الحرب سقط عنه ملك سيده أقام بدار الحرب أو خرج إلينا وان اشترى في دار الحرب فهو كرجل من المسلمين اشترى في دار الحرب يتبع بما اشترى به. قلت: فلو أن جيشا من المسلمين غزوهم فغنموا أولئك الذين أسلموا وهم في أرض الحرب بعدوهم في يدي ساداتهم. قال: لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أنهم أحرار لأنهم أسلموا وليس لأحد من المسلمين عليهم ملك يردون إليه فهؤلاء أحرار حين غنمهم أهل الإسلام لأن أهل الإسلام حين حازوهم إليهم فكأنهم خرجوا إلينا ألا ترى أنهم بخروجهم أحرار فكذلك إذا حازهم أهل الإسلام وغنموهم فهم أحرار وكذلك قال الأوزاعي هو حر وهو أخوهم. قلت: أرأيت العرب إذا سبوا هل عليهم الرق في قول مالك. قال: لم أسمع من مالك فيهم شيئا ولا أقوم عليه وهم في هذا بمنزلة الأعاجم. قلت: أرأيت لو أن رجلا من أهل الحرب دخل إلينا بأمان فمات عندنا وترك مالا ما حال ماله هذا أيكون فيئا أم يرد إلى ورثته. قال: يرد إلى ورثته وهو قول مالك. قال: ولقد سئل مالك عن رجل من أهل الحرب دخل إلينا بأمان فقتله رجل من المسلمين. قال: مالك يدفع ديته إلى ورثته في بلاد الحرب فهذا يدلك على مسألتك أن ماله لورثته ولا أعلم مالكا إلا وقد قال يعتق أيضا القاتل رقبة ويدفع ماله وديته إلى حكامهم وأهل النظر لهم حتى كأنهم تحت أيديهم ماتوا عندهم. قلت: أرأيت لو أن رجالا من المشركين في حصن من حصونهم حصرهم أهل الإسلام وفيهم المسلمون أسارى في أيديهم أيحرق هذا الحصن وفيه هؤلاء الاسارى المسلمون أو يغرق هذا الحصن. قال: سمعت مالكا وسئل عن قوم من المشركين في البحر في مراكبهم أخذوا أسارى من المسلمين فأدركهم أهل الإسلام فأرادوا أن يحرقوهم ومراكبهم بالنار ومعهم الاسارى في مراكبهم. قال: قال مالك لا أرى أن تلقى عليهم النار ونهى عن ذلك. قال مالك: يقول الله لأهل مكة {لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما} أي إنما صرف النبي عليه السلام عن أهل مكة لما كان فيهم من المسلمين ولو تزيل الكفار عن المسلمين لعذب الكفار أي هذا تأويله والله أعلم (سحنون) عن الوليد عن الأوزاعي يقول في قوم من المسلمين يلقون السفينة من سفن العدو وفيها سبي من المسلمين. قال: يكف عن تحريقها ما كان فيها من أسارى المسلمين. قلت: أرأيت إن كان في الحصن الذي حصره المسلمون ذراري المشركين ونساؤهم وليس فيه من أهل الإسلام أحد أترى أن ترسل عليهم النار فيحرق الحصن ويغرقوا. قال: لا أقوم على حفظه وأكره هذا ولا يعجبني. قلت: أليس قد أخبرتني أن مالكا؟ قال لا بأس أن تحرق حصونه ويغرقوا. قال: إنما ذلك إذا كانت خاوية ليس فيها ذرار وذلك جائز إذا كان فيها الرجال مقاتلة فأحرقوهم فلا بأس بذلك. ابن وهب: عن أسامة بن زيد عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أن الصعب بن جثامة قال يا رسول الله إن الخيل في غثم الغارة تصيب من أولاد المشركين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم منهم أو هم مع الآباء. قالاابن وهب: وأخبرني هشام بن سعد عن بن شهاب مثله. ابن وهب: عن إسماعيل بن عياش قال سمعت أشياخنا يقولون إن رسول الله عليه السلام رمى أهل الطائف بالمجانيق فقيل له يا رسول الله إن فيها النساء والصبيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم من آبائهم. قلت: أرأيت السفينة إذا أحرقها العدو وفيها أهل الإسلام أكان مالك يكره لهم أن يطرحوا بأنفسهم وهل يراهم قد أعانوا على أنفسهم. قال: بلغني أن مالكا سئل عنه فقال لا أرى به بأسا إنما فروا من الموت إلى الموت قالابن وهب قال ربيعة أيما رجل يفر من النار إلى أمر يعرف أن فيه قتله فلا ينبغي له إذا كان إنما يفر من موت إلى موت أيسر منه فقد جاء ما لا يحل له وإن كان إنما تحامل في ذلك رجاء النجاة وأن يقيم لعله يرى قرية أو يكون يرى الأسر أرجى عنده أن يخلوه إلى الإسلام وأهله من الإقامة في النار فكل متحامل لأمر يرجو النجاة فيه فلا جناح عليه وإن عطب فيه. قال: وبلغني عن ربيعة أنه قال إن صبر فهو أكرم إن شاء الله وإن اقتحم فقد عوفى ولا بأس به إن شاء الله (وسئل) ربيعة عن قوم كانوا في سفينة فاحترقت أيثقل الرجل نفسه بسلاحه فيغرق أو يقوم يلتمس النجاة بالغا ما بلغ. أرأيت إن كان بقرب عدوه فهو يخاف أن يؤسر إن عاش. قال ربيعة كليهما لا أحبهما ولكن ليثبت في مركبه حتى يقضي الله. قلت: أرأيت الخمس كيف يقسم وهل سمعت من مالك فيه شيئا. قال: قال مالك الفيء والخمس سواء يجعلان في بيت المال. قال: وبلغني عمن أثق به أن مالكا قال ويعطى الإمام أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يرى ويجتهد وأما جزية الأرض فإنه لا علم لي بها ولا أدري كيف كان يصنع فيها إلا أن عمر أقر الأرض فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها وكنت أرى أنه لو نزل هذا بأحد سأل أهل ذلك البلد وأهل العلم والأمانة كيف كان الأمر فيه فإن وجد علما يشفيه وإلا اجتهد في ذلك هو ومن حضره من المسلمين. قال: وأخبرني من أثق به عن مالك أنه قال في المال الذي يقسم في وجوه مختلفة ينظر في البلد الذي به ذلك المال وفي غيره من البلدان فإن كان غيره من البلدان والبلد الذي فيه متكافئين في الحاجة بدأ بالذين المال فيهم فأعطاهم بقدر ما يسعهم ويغنيهم فإن فضل فضل أعطاه غيرهم أو يوقفه إن رأى ذلك لنوائب أهل الإسلام فإن كان في غير البلدة من هو أشد منهم حاجة فقد يأتي على بعض البلدان بعض الزمان وبهم حاجة شديدة من الجدوبة وهلاك المواشي والحرث وقلة المال فإذا كان ذلك أعطى ذلك البلد الذي به المال من ذلك المال وينقل أكثر ذلك المال إلى الذي به الجدوبة والحاجة وكذلك حق أهل الإسلام إنما هم أهل الإسلام وإن تفرقوا في البلدان والمنازل لا يقطع ذلك حقهم. قلت: أرأيت الفيء الذي قال مالك يجعل الفيء والخمس في بيت المال أي فيء هذا. قال: ما أصيب من العدو فخمس فهذا الخمس وكل بلد فتحها أهل الإسلام بصلح فهذا فيء لأن المسلمين لم يكن لهم أن يقسموها وأهلها على ما صالحوا عليها فهذا فيء وكل أرض افتتحوها عنوة فتركت أهل الإسلام فهذه التي قال مالك يجتهد فيها الإمام ومن حضره من المسلمين. قال: وأما الجماجم في خراجهم فلم يبلغني عن مالك فيه شيء إلا أني أرى الجماجم تبعا للأرض إذا كانوا عنوة أو بصلح. ابن وهب: عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص يوم افتتح العراق أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس قد سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم فإذا جاءك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين وأترك الأرض والأنهار بعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين فإنك لو قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء. قلت: فما قول مالك في هذا الفيء إيساوي بين الناس فيه أم يفضل بعضهم على بعض. قال: قال مالك نعم يفضل بعضهم على بعض ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنوا منه. قلت: أرأيت جزية جماجم أهل الذمة وخراج الأرضين ما كان منها عنوة وما صالح عليها أهلها ما يصنع بهذا الخراج. قال: قال مالك هذه من الجزية. والجزية عند مالك فيما نعلم من قوله فيء كله وقد أعلمتك ما قال مالك في العنوة. قلت: فمن يعطى هذا الفيء وفيمن يوضع. قال: قال مالك على أهل كل بلد افتتحوها عنوة أو صالحوا عليها هم أحق به يقسم عليهم ويبدأ بفقرائهم حتى يغنوا ولا يخرج منها إلى غيرها إلا أن ينزل بقوم حاجة فينقل منهم إليهم بعد أن يعطى أهلها يريد ما يغنيهم على وجه النظر والاجتهاد. قال ابن القاسم: وبذلك كتب عمر بن الخطاب أن لا يخرج فيء قوم عنهم إلى غيرهم. قال: ورأيت مالكا يأخذ بالحديث الذي كتب به عمر بن الخطاب إلى عمار بن ياسر وصاحبيه إذ ولاهما العراق حين قسم لأحدهما نصف شاة وللآخرين ربعا ربعا فكان في كتاب عمر إليهم إنما مثلي ومثلكم كمثل ما قال الله في ولي اليتيم {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}. قال: وقال مالك يبدأ بالفقراء في هذا الفيء فإن فضل شيء كان بين جميع الناس كلهم بالسواء إلا أن يري الوالي أن يحبسه لنوائب تنزل به من نوائب أهل الإسلام فإن كان كذلك رأيت ذلك له. قال ابن القاسم: والناس في ذلك سواء عربيهم ومولاهم وذلك أن مالكا حدثني أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال أيها الناس اني عملت عملا وأن صاحبي عمل عملا ولئن بقيت إلى قابل لألحقن أسفل الناس بأعلاهم. قال مالك: وبلغني أن عمر بن الخطاب قال ما من أحد من المسلمين الا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه حتى لو كان راع أو راعية بعدن. قال: ورأيت مالكا يعجبه هذا الحديث. قال: وكان مالك يقول قد يعطى الوالي الرجل يجيزه لأمر يراه فيه على وجه الدين أي على وجه الدين من الوالي يجيزه لفضل دينه الجائزة أو لأمر يراه قد استحق الجائزة فلا بأس على الوالي بجائزة مثل هذا ولا بأس أن يأخذها هذا الرجل. قلت: ويعطى المنفوس من هذا المال. فقال: نعم قد أخبرني مالك أنعمر بن الخطاب مر ليلة فسمع صبيا يبكي فقال لأهله مالكم لا ترضعونه فقال أهله ان عمر لا يفرض للمنفوس حتى يفطم وأنا قد فطمناه قال فولى عمر وهو يقول كدت والذي نفسي بيده أن أقتله ففرض للمنفوس من ذلك اليوم مائة درهم. قلت: فإن كان هذا المنفوس والده غنى أليس يبدأ بكل منفوس والده فقير؟ قال نعم في رأيي. قلت: أفكان يعطي النساء من هذا المال فيما سمعت من مالك. قال: سمعت مالكا يقول كانعمر بن الخطاب يقسم للنساء حتى أن كان ليعطيهن المسك. قلت: ومجمل ما رأيت من مالك أنه يبدأ بالفقيرة منهن قبل الغنية؟ قال نعم. قلت: أرأيت قول مالك يسوى بين الناس في هذا الفيء أرأيت الصغير والكبير والمرأة والرجل أهم فيه سواء. قال: تفسيره أن يعطي كل إنسان بقدر ما يغنيه الصغير بقدر ما يغنيه والكبير بقدر ما يغنيه والمرأة بقدر ما يغنيها هذا تفسير قوله عندي يساوي بين الناس في هذا المال قلت فإن فضل الآن بعد ما استغنى أهل الإسلاممن هذا المال فضل. فقال: ذلك على اجتهاد الإمام إن رأى أن يحبس ما بقي لنوائب أهل الإسلام حبسه وإن رأى أن يفرقه على أغنيائهم فرقه كذلك قال مالك. قلت: وهذا الفيء حلال للأغنياء؟ قال نعم. قلت: وهو قول مالك. قال: نعم ولقد حدثني مالك أنه أتى بمال عظيم من بعض النواحي في زمان عمر قال فصب في المسجد فبات عليه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم علي وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص يحرسونه فلما أصبح كشف عنه انطاع أو مسوح كانت عليه فلما أصابته الشمس ائتلقت وكانت فيها تيجان فبكى عمر فقال له عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء إنما هذا حين شكر فقال إني أقول ما فتح هذا على أحد قط الا سفكوا عليه دماءهم وقطعوا أرحامهم ثم؟ قال لابن الأرقم أكتب لي الناس قال فكتبهم ثم جاءه بالكتاب فقال له هل كتبت الناس؟ قال نعم قال كتبت المهاجرين والأنصار والمهاجرين من العرب والمحررين يغني المعتقين؟ قال نعم قال فقال له عمر أرجع فاكتب فلعلك قد تركت رجلا لم تعرفه ارادة أن لا يترك أحدا. ففي هذا ما يدلك على أن عمر كان يقسم لجميع الناس. قال: وسمعت مالكا وهو يذكر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر في زمان الرمادة. قال فقلنا لمالك فزمان الرمادة كانت سنة أو سنتين. قال بل ست سنين. قال فكتب إليه وأغوثاه واغوثاه واغوثاه قال فكتب إليه عمرو بن العاص لبيك لبيك لبيك. قال فكان يبعث إليه بالبعير عليه الدقيق في العباء قال فيقسمها عمر فيدفع الجمل كما هو إلى أهل البيت فيقول لهم كلوا دقيقة والتحفوا العباء وانتحروا البعير فكلوا لحمه وائتدموا بشحمه. قلت: فالرجل يقتل القتيل هل يكون سلبه لمن قتله. قال: قال مالك لم يبلغني أن ذلك كان إلا في يوم حنين. قال مالك: وإنما هذا إلى الامام يجتهد فيه. قلت: أرأيت النفل هل يصلح للإمام أن ينفل بعد ما صارت الغنيمة في يديه أو هل يصلح له أن ينفل من قبل أن يغنموا يقول من جاء بشيء فله ثلثه أو ربعه أو خمسه أو نصفه أو ما أشبه هذا. قال: سئل مالك عن النفل أيكون في أول مغنم فقال ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام ليس عندنا في ذلك أمر معروف إلا اجتهاد السلطان. قال: ولم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل في مغازيه كلها وقد بلغني أنه قد نفل في بعضها وإنما ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام في أول مغنم وفيما بعده. قلت: ففي قول مالك هذا عندك أنه لا بأس أن ينفل الإمام من الغنيمة بعد ما صارت غنيمة وصارت في يديه. قال: نعم على وجه الاجتهاد منه ولا يكون إلا في الخمس قال لي مالك لا نفل إلا في الخمس. قلت: أرأيت هذا الذي ينفله الإمام للناس أهو من الخمس أو من جملة الغنيمة. قال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول النفل من الخمس مثل قول سعيد بن المسيب. قلت: قبل أن يغنموا أو بعد أن يغنموا أهو من الخمس في قول مالك. قال: أما ما نفل الإمام بعد الغنيمة من الخمس فذلك جائز عند مالك وأما ما نفل قبل الغنيمة فذلك عنده لا يجوز. ابن وهب: عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن صالح بن محمد بن زائدة الليثي أن مكحولا حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل من نفل يوم حنين من الخمس. قال مالك: وأخبرني أبو الزناد أنه سمع بن المسيب يقول إنما كان الناس يعطون النفل من الخمس وقال مالك وذلك أحسن ما سمعت. ابن وهب: عن سليمان بن بلال وغيره عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول ذلك. وأخبرني مالك ورجال من أهل العلم عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر فغنموا ابلا كثيرة وكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أواحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا. ابن وهب: عن بن لهيعة عن سليمان بن موسى أنه؟ قال لا نفل في عين ولا فضة. ابن وهب: عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال بلغنا أن من الأنفال السلب والفرس وقد بلغنا أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان ينفل بعض من يبعث من السرايا فيعطيهم النفل خاصة لأنفسهم سوى قسم عامة الجيش (مالك) عن بن شهاب عن القاسم بن محمد أنه سمع رجلا يسأل بن عباس عن الأنفال قال ابن عباس الفرس من النفل والسلب من النفل ثم أعاد المسألة قال ذلك أيضا قال الأنفال التي قال الله ما هي. قال القاسم فلم يزل يسأله حتى كاد أن يحرجه قال ابن عباس أتدرون ما مثل هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب. قلت: أرأيت ان قال الإمام من قاتل في موضع كذا فله كذا وكذا أو قال من قتل من العدو رجلا وجاء برأسه فله كذا وكذا أو بعث سرية في وجه من الوجوه قال ما غنمتم من شيء فلكم نصفه. قال: سمعت مالكا يكره هذا كراهية شديدة أن يقال لهم قاتلوا ولكم كذا وكذا ويقول أكره أن يقاتل أحد على أن يجعل له جعل وكرهه كراهية شديدة أن يسفك دم نفسه على مثل هذا. قال مالك: ما نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من بعد ما برد القتال فقال من قتل قتيلا تقوم له عليه بينة فله سلبه وفي رسول الله أسوة حسنة فكيف يقال بخلاف ما قال وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبلغني أن النبي عليه السلام قال ذلك ولا عمل به بعد حنين ولو أن رسول الله عليه السلام سن ذلك وأمر به فيما بعد حنين كان ذلك أمرا ثابتا ليس لأحد فيه قول وقد كان أبو بكر بعد رسول الله عليه السلام يبعث الجيوش فلم يبلغنا أنه فعل ذلك ولا عمل به ثم كان عمر بعده فلم يبلغنا عنه أيضا أنه فعل ذلك. قلت: أرأيت لو أن قوما من المسلمين أسارى في بلاد الشرك أو تجارا استعان بهم صاحب تلك البلاد على قوم من المشركين ناووه من أهل مملكته أو من غير أهل مملكته أترى أن يقاتلوا معه أم لا؟ قال: سمعت مالكا يقول في الاسارى يكونون في بلاد المشركين يستعين بهم الملك على أن يقاتلوا عدوا له ويخليهم إلى بلاد الإسلام. قال: قال مالك لا أرى أن يقاتلوا على هذا ولا يحل لهم أن يسفكوا دماءهم على هذا. قال مالك: وإنما يقاتل الناس ليدخلوا في الإسلام من الكفر فأما أن يقاتلوا الكفار ليدخلوهم من الكفر إلى الكفر ويسفكوا في ذلك دماءهم فهذا مما لا ينبغي لمسلم أن يسفك دمه على هذا. قلت: كم يضرب للفارس في الغنيمة. قال: بسهم وللفرس سهمان عند مالك فذلك ثلاثة أسهم. قلت: فالبراذين. قال: قال مالك إذا أجازها الوالي فسهمانها كسهمان الخيل لها سهمان وللفارس سهم. قلت: أرأيت البغال والحمار أراجل هو أم لا؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا وما أشك أنه راجل. قلت: أرأيت البعير. قال: ما سمعت فيه شيئا وما أشك أنه راجل. قلت: أرأيت البعير. قال: ما سمعت فيه شيئا ولكن قد غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالابل فلم أسمع أنه قسم إلا للخيل. قلت: أرأيت ان حملوا معهم الخيل في السفن فلقوا العدو فغنموا بكم يضرب للفارس. قال: بثلاثة أسهم للفرس سهمان وللرجل سهم وهو قول مالك. قلت: أرأيت لو أن قوما عسكروا في أرض العدو وفيهم أصحاب خيل ورجالة فسروا رجالة فغنموا غنائم وهم رجالة أيكون للفارس أن يضرب بسهمي الفرس وهم رجالة. قال: نعم وذلك أن مالكا قال في السرية إذا خرجت من العسكر فغنمت إن ذلك بين أهل العسكر وبين أهل السرية بعد خروج الخمس ولم يذكر راجلا من فارس فهذا بينهم لا شك أن للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم. قلت: فبكم يضرب لمن معه فرسان في قول مالك. قال: قال مالك يضرب له بسهم فرس واحد لا يزاد على ذلك. قال: مالك وذلك أنه بلغني أن الزبير شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرسين يوم حنين فلم يسهم له إلا بسهم فرس واحد. قلت: أرأيت من دخل من المسلمين على فرس فنفق فرسه في أرض الحرب فلقى العدو راجلا أو دخل راجلا فاشترى في بلاد الحرب فرسا كيف يضرب لهم وهل سمعت من مالك فيه شيئا أم لا؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن سمعت مالكا يقول إذا دخل الرجل أرض العدو غازيا فمات قبل أن يلقى المسلمون عدوا وقبل أن يغنموا غنيمة ثم غنم المسلمون بعد ذلك إنه لا شيء لمن مات قبل الغنيمة. قال مالك: وإن لقوا العدو وقاتل ثم مات قبل أن يغنموا ثم غنموا بعد ما فرغوا من القتال وقد مات الرجل قبل أن يغنموا إلا أنه قد قاتل معهم وكان حيا قال مالك أرى أن يضرب له بسهم فالفرس ان نفق بمنزلة ان اشتراه فشهد به فإنما له من يوم اشتراه وإن مات قبل أن يلقى العدو فلا شيء له. ابن وهب: عن عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسهم للخيل للفرس سهمين وللراجل سهما. ابن وهب: عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد وصالح بن كيسان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم لمائتي فرس في يوم خيبر سهمين وقسم يوم النضير لستة وثلاثين فرسا سهمين سهمين. ابن وهب: عن أسامة بن زيد عن مكحول حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للفرس سهمين ولفارسه سهما. ابن وهب: عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز أن سهمين فريضة فرضهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين للفرس وسهما للرجل. قال ابن وهب: وأخبرني سفيان الثوري عن عمرو بن ميمون عن عمر بن عبد العزيز أنه قال إذا بلغت البراذين ما يبلغ الخيل فألحقها بالخيل. ابن وهب: عن سفيان الثوري عن هشام بن حسان عن الحسن أنه قال الخيل والبراذين في السهمان سواء. قلت: أرأيت الصبيان والعبيد والنساء هل يضرب لهم بسهم في الغنيمة إذا قاتلوا في قول مالك؟ قال لا. قلت: أفيرضخ لهم في قول مالك. قال: سألنا مالكا عن النساء هل يرضخ لهن من الغنيمة قال ما سمعت أن أحدا أرضخ للنساء فالصبيان عندي بمنزلة النساء وقد قال مالك ليس لهم شيء. قلت: أرأيت التجار إذا خرجوا في عسكر المسلمين أيرضخ لهم أم لا؟ قال: سمعت مالكا يقول في الأجير أنه إذا شهد القتال أعطى سهمه وإن لم يقاتل فلا شيء له وكذلك التجار عندي إذا علم منهم مثل ما علم من الأجير. قلت: فالعبد أيضرب له بسهمه. قال: لا يضرب له بسهم وقيل ليس للعبد في الغنيمة شيء. ابن وهب: عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب بعزل العبيد من أن يقسم لهم شيء. قال: وبلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال ما نعلم للعبيد قسما في الغنائم وإن قاتلوا أو أعانوا. ابن وهب: عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن الصبي يغزى به أو يولد والجارية الحرة فقالا لا نرى لهؤلاء من غنائم المسلمين شيئا. ابن وهب: عن حرملة بن عمران التجيبي أن تميم بن فرع المهري حدثه أنه كان في الجيش الذين افتتحوا الاسكندرية في المرة الأخرى قال فلم يقسم لي عمرو بن العاص من الفيء شيئا قال وكنت غلاما لم أحتلم حتى كاد يكون بين قومي وبين ناس من قريش في ذلك نائرة قال بعض القوم فيكم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلوهم فسألوا أبا بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فقالا انظروا فإن كان أنبت الشعر فاقسموا له فنظر إلي بعض القوم فإذا أنا قد أنبت فقسم لي. قلت: أرأيت الرجل يقتل يخرج غازيا فلا يزال مريضا حتى يشهد القتال وتحرز الغنيمة أيكون له فيها سهم أم لا؟ قال: قال مالك نعم له سهمه. قال ابن القاسم: وبلغني عن مالك أن الفرس إذا رهص أنه يضرب له بسهمه وهو بمنزلة الرجل المريض. قال ابن القاسم: قال مالك في القوم يغزون في البحر يسيرون يوما فتضربهم الريح فتفرقهم ويرد الريح بعضهم إلى بلاد المسلمين ويمضي بعضهم إلى بلاد الروم فيلقون العدو فيغنمون. قال مالك: إن كان إنما ردهم الريح وليسوا هم رجعوا فلهم سهمانهم في الغنيمة مع أصحابهم. قلت: أرأيت إن غزا المسلمون أرض العدو فضل منهم رجل فلم يرجع إليهم حتى لقي العدو المسلمون فقاتلوا وغنموا ثم رجع الرجل إليهم أيكون له في الغنيمة شيء أم لا؟ قال: قد أخبرتك بقول مالك في الذين يردهم الريح وهم في بلاد المسلمين فجعل لهم سهمانهم في الغنيمة التي غنمها أصحابهم فهذا الذي ضل في بلاد العدو أحرى أن يكون له في الغنيمة نصيب. قلت: أرأيت الطعام والعلف في بلاد المشركين إذا جمعت في الغنائم ثم يحتاج رجل إليها أيأكل منها بغير إذن الإمام في قول مالك. قال: قال مالك سنة الطعام والعلف في أرض العدو أنه يؤكل وتعلف الدواب ولا يستأمر الإمام ولا غيره. قال مالك: والطعام هو لمن أخذه يأكله وينتفع به وهو أحق به. قال مالك: والبقر والغنم أيضا لمن أخذها يأكل منها وينتفع بها. ابن وهب: عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة الجذامي حدثه أن زياد بن نعيم حدثه أن رجلا من بني ليث حدثه أن عمه حدثه أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فكان النفر يصيبون الغنم العظيمة ولا يصيب الآخرون إلا الشاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو إنكم أطعمتم إخوانكم قال فرميناهم بشاة شاة حتى كان الذي معهم أكثر من الذي معنا. قال: بكير وما رأيت أحدا يقسم الطعام كله ولا ينكر أخذه ويستمتع آخذه به ولا يباع فأما غير الطعام من متاع العدو فإنه يقسم. ابن وهب: عن الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن مكحول قال قال معاذ بن جبل قد كان الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكلون ما أصابوا من البقر والغنم ولا يبيعونها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين أصاب غنما فقسمها وأخذ الخمس منها وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابوا الغنم والبقر يقسم للناس إذا كانوا لا يحتاجون إليها (وقال) محمد بن سعيد عن مكحول إن شرحبيل بن حسنة باع غنما وبقرا فقسمه بين الناس فقال معاذ بن جبل لم يسئ شرحبيل إذ لم يكن المسلمون محتاجين أن يذبحوها فترد على أصحابها فيبيعونها فيكون ثمنها من الغنيمة في الخمس إذا كان المسلمون غير محتاجين إلى لحومها يأكلوها. ابن وهب: عن إسماعيل بن عياش عن أسيد بن عبد الرحمن عن رجل حدثه عن هانئ بن كلثوم أن عمر بن الخطاب كتب إلى صاحب جيش الشام يوم فتحت أن دع الناس يأكلون ويعلفون فمن باع شيئا بذهب أو فضة فقد وجب فيه خمس الله وسهام المسلمين (أنس بن عياض) عن الأوزاعي عن أسيد بن عبد الرحمن عن خالد بن دريك عن بن محيريز قال سمعت فضالة بن عبيد يقول من باع طعاما أو علفا بأرض الروم مما أصيب منها بذهب أو فضة فقد وجب فيه حق الله وفيء المسلمين. قلت: أرأيت لو أصابوا بقرا كثيرة فأخذ الناس حاجتهم وفضل فضلة من الغنم والبقر فجمعها الوالي فضمها إلى الغنائم ثم احتاج الناس إلى اللحم أن يأخذوا من تلك البقر أو تلك الغنم بمنزلة الطعام بغير أمر الإمام ويراه واسعا في قول مالك ولا يكون البقر والغنم من الغنائم. قال: سمعت مالكا يقول في البقر والغنم إنها بمنزلة الطعام يذبحونها ويأكلونها بغير أمر الإمام ولم أسمع فيه من مالك إذا حازها الوالي شيئا. قال ابن القاسم: ولا أرى بذلك بأسا. قلت: هل وسع في شيء من الغنيمة مالك ماطلا الطعام والشراب أن يؤخذ قال سئل مالك عن جلود الغنم والبقر يذبحها المسلمون في الغنائم. قال: قال مالك لا أرى بأسا إذا احتاجوا إليها أن يحتذوا منها نعالا ويجعلوا منها على أكفهم أو يجعلوا منها حزما أو يصلحوا منها أخفافهم أو يتخذوا منها أخفافا إذا احتاجوا إليها. قلت: أرأيت السلاح يكون في الغنيمة فيحتاج رجل من المسلمين إلى سلاح يقاتل به أيأخذه فيقاتل به بغير إذن الإمام أم لا؟ قال: سمعت مالكا يقول في البراذين تكون في الغنيمة فيحتاج رجل من المسلمين إلى دابة يركبها يقاتل عليها ويقفل عليها. قال: قال مالك يركبها يقاتل عليها ويركبها حتى يقفل إلى أهله يريد أرض الإسلام أن احتاج إلى ذلك ثم يردها إلى الغنيمة. قلت: فإن كانت الغنيمة قد قسمت. قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى إن كانت قد قسمت أن يبيعها ويتصدق بثمنها فالسلاح إذا احتاج إليه أن يقاتل به بهذه المنزلة. قلت: أرأيت ان احتاج رجل إلى شيء من ثياب الغنيمة أيلبسه أم لا؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى بأسا أن يلبسه حتى يقدم موضع الإسلام فإذا قدم موضع الإسلام رده وبهذه المنزلة البراذين. وقد روى علي بن زياد وبن وهب أن مالكا؟ قال لا ينتفع بدابة ولا بسلاح ولا بثوب ولو جاز ذلك لجاز أن يأخذ دنانير فيشترى بها. وقال بعض الرواة ما قال ابن القاسم واستحسنوه ورأوه صوابا. قلت: أرأيت إن حاز الإمام هذه الثياب وهذه الجلود فاحتيج إليها بعد ما حازها الإمام أيكون لهم أن ينتفعوا بها أيضا كما كان ذلك لهم قبل أن يحوزها لهم الإمام؟ قال نعم. ابن وهب: عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول وسليمان بن موسى قالا لا يتقى الطعام بأرض العدو ولا يستأذن فيه الأمير ولا يتقيه أن يأخذه من سبق إليه فإن باع إنسان شيئا من الطعام بذهب أو فضة فلا يحل له فهو حينئذ من الغنائم وذكر أن هذا الخبر من الطعام السنة والحق. ابن وهب: عن مسلمة عن سعيد عن رجل من قريش قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر جاع بعض الناس فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم فلم يجدوا عنده شيئا فافتتحوا بعض حصونها فأخذ رجل من المسلمين جرابا مملوءا شحما فبصر به صاحب المغانم وهو كعب بن عمرو بن زيد الأنصاري فأخذه فقال الرجل لا والله لا أعطيكه حتى أذهب به إلى أصحابي فقال أعطنيه أقسمه بين الناس فأبى وتنازعاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خل بين الرجل وبين جرابه يذهب به إلى أصحابه. ابن وهب: عن بن لهيعة وحيوة بن شريح عن خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد وسالم أنهما سألا عن الرجل يجد في منازل الروم الطعام والودك الذي يغنم فيحمل منه حتى يقدم به إلى أهله فيأكله في القرار فقالا لا بأس بذلك فقيل لهما أفيحل له بيعه فكرها بيعه. قلت: لابن القاسم أرأيت الرجل يأخذ العلف في دار الحرب فيعلف دابته فتفضل منه فضلة بعد ما خرج من دار الحرب إلى دار الإسلام. قال: سمعت مالكا يسئل عن الطعام يأخذه الرجل في دار الحرب فيأكل منه ويخرج ومعه منه فضلة قال مالك لا أرى به بأسا إذا كان شيئا يسيرا. قلت: أرأيت إن كان شيئا له بال. قال: إن كان شيئا له بال تصدق به. قلت: أرأيت الرجل يقرض الرجل الطعام في دار الحرب أيكون هذا قرضا أم لا؟ قال: سألت مالكا عن الرجل يكون في أرض العدو مع الجيش يصيب الطعام فيكون في الطعام فضل فيسأله بعض من لم يصب طعاما أن يبيع منه. قال: قال مالك لا ينبغي له ذلك وقال إنما سنة العلف أن يعلف فإن استغنى عن شيء أعطاه أصحابه. فهذا يدلك على أن القرض ليس بقرض ولا أرى القرض يحل فيه فإن نزل وأقرض فلا يكون له على الذي أقرضه شيء. ابن وهب: عن جرير بن حازم عن أشعث بن سوار عن أبي محمد قال سألت عبد الله بن أبي أوفى وكان ممن بايع تحت الشجرة يوم الحديبية وهو ممن أسلم عن الطعام هل كان يقسم في المغانم فقال لنا كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نقسم طعاما إذا أصبناه في مغنم. ابن وهب: عن عطاف بن خالد القرشي عن رجل حدثه عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن الطعام يأخذونه في أرض العدو مثل العسل والدقيق وغير ذلك قال فلا بأس به. ابن وهب: عن عمرو بن الحارث عن رجل من أهل الأردن حدثه عن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملوءة. ابن وهب: عن بن لهيعة عن يحيى بن سعيد أنه قال قد رأينا الناس في الغزو وما الطعام إلا لمن أخذه فإذا كان ذلك كان الذي عليه أمر الناس فمن أخذه أكله وأطعمه أهله إلا أن تكون بالجيش إليه حاجة بادية فإنه يكره أن يذهب به إلى أهله وبالناس من الحاجة إليه ما بهم فإن لم تكن بهم إليه حاجة فليأكله وليطعم أهله ولا يبع منه شيئا. ابن وهب: عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد قال قال القاسم بن مخيمرة أما كل شيء اصطنعته من عيدان أرض الروم أو حجارتها فلا بأس أن تخرج به وأما شيء تجده مصنوعا فلا يخرج به وقال مكحول في المصنوع مثله قالا إلا أن يشتريه من المغنم. قال ابن وهب: وقال زيد بن واقد قال سليمان بن موسى لا بأس أن يحمل الرجل الطعام إلى أهله من أرض العدو وقد كان الناس فيما أدركنا وما لم ندرك فيما بلغنا عنهم يحملون القديد حتى يقدموا به إلى أهليهم فلا ينهون عن ذلك ولا يعاب عليهم إلا أن يباع فإن بيع بعد ما يخرج به وإن وقع في أهله صار مغنما. ابن وهب: عن بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم بن محمد وسالما عن الرجل يصيد الطير في أرض العدو والحيتان أيبيعه ويأكل ثمنه فقالا نعم وسألتهما عن الرجل يكون له غلام يعمل الفخار في أرض العدو فيبيعه أيحل له ثمن ما باع منها فقالا نعم. قلت وإن كثر حتى بلغ مالا كثيرا قالا نعم وإن كثر. ولقد سألنا مالكا عن القوم يكونون في الغزو فيصيب بعضهم القمح وآخرون العسل وآخرون اللحم فيقول الذين أصابوا اللحم للذين أصابوا العسل أو للذين أصابوا القمح أعطونا مما معكم ونعطيكم مما معنا يتبادلونه ولو لم يعطهم هؤلاء لم يعطوهم شيئا. قال: قال مالك ما أرى به بأسا في الطعام والعلف إنما هذا كله للأكل ولا أرى بأسا به أن يبدل بعضهم لبعض بحال ما وصفت لك. قال مالك والعلف كذلك. قلت: أرأيت ما اتخذ الرجل في بلاد الحرب من سرج نحته أو سهم يراه أو مشجب صنعه أو ما أشبه ذلك ما عليه في قول مالك. قال: هو له ولا شيء عليه فيه ولا يخمس ولا يرفعه إلى المقسم وهذا قول مالك. ابن وهب: عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة أنه قال رأيت الناس ينقلبون بالمشاجب والعيدان لا يباع في مقسم لنا منه شيء (سحنون) معناه إذا كان يسيرا وقد قيل أنه يأخذ اجارة ما عمل فيه والباقي يصير فيئا إذا كان له قدر. قلت: أرأيت البقر والغنم والدواب والطعام والسلاح والأمتعة من متاع الروم ودوابهم وبقرهم وطعامهم وما ضعف عنه أهل الإسلام من أمتعات أنفسهم وما قام عليهم من دوابهم كيف يصنعون بهذا كله في قول مالك. قال: قال مالك يعرقبون الدواب أو يذبحونها وكذلك البقر والغنم. قال: وأما الأمتعات والسلاح فإن مالكا قال تحرق. قلت: والدواب والبقر والغنم هل تحرق بعد ما عرقبت. قال: ما سمعته يقول تحرق. قال: ولقد قال مالك في الرجل تقف عليه دابته أنه يعرقبها أو يقتلها ولا يتركها للعدو ينتفعون بها. قلت: هل كان مالك يكره أن يستعين المسلمون بالمشركين في حروبهم. قال: سمعت مالكا يقول بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن أستعين بمشرك. قال ولم أسمعه يقول في ذلك شيئا. قال ابن القاسم ولا أرى أن يستعينوا بهم يقاتلون معهم إلا أن يكونوا نواتية أو خدما فلا أرى بذلك بأسا (مالك: عن الفضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن نيار الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال يا رسول الله جئت لأتبعك وأصيب معك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤمن بالله ورسوله؟ قال لا قال فارجع فلن أستعين بمشرك قالت ثم مضى حتى إذا كان بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتؤمن بالله ورسوله فقال لا قال فارجع فرجع ثم أدركه بالبيداء فقال له كما قال له أول مرة فقال أتؤمن بالله ورسوله؟ قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق (وذكر) بن وهب عن جرير بن حازم أن بن شهاب قال ان الأنصار قالت يوم أحد ألا نستعين بحلفائنا من يهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا فيهم. قلت: أرأيت أمان المرأة والعبد والصبي هل يجوز في قول مالك. قال: سمعت مالكا يقول أمان المرأة جائز وما سمعته يقول في العبد والصبي شيئا أقوم لك على حفظه وأنا أرى أن أمانهما جائز لأنه جاء في الحديث أنه يجير على المسلمين أدناهم إذا كان الصبي يعقل ما الأمان. قال سحنون: وقال غيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال في أم هانئ وفي زينب قد أمنا من أمنت يا أم هانئ وفيما أجاز من جوار زينب أنه إنما كان بعد ما نزل الأمان وقد يكون الذي كان من اجارته ذلك هو النظر والحيطة للدين وأهله ولم يجعل ما قال يجير على المسلمين أدناهم أمرا يكون في يدي أدنى المسلمين فيكون ما فعل يلزم الإمام ليس له الخروج من فعله ولكن الإمام المقدم ينظر فيما فعل فيكون إليه الاجتهاد في النظر للمسلمين. ابن وهب: عن إسماعيل بن عياش قال سمعت أشياخنا يقولون لا جوار للصبي ولا للمعاهد فإن اجارا فالإمام مخير ان أحب أمضى جوارهما وإن أحب رده فإن أمضاه فهو ماض وإن لم يمضه فليبلغه إلى مأمنه. ابن وهب: عن الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن عباد بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال كتب إلينا عمر بن الخطاب فقرئ علينا كتابه إلى سعيد بن عامر بن حذيم ونحن محاصرو قيسارية إن من أمنه منكم حر أو عبد من عدوكم فهو آمن حتى يرد إلى مأمنه أو يقيم فيكون على الحكم في الجزية وإذا أمنه بعض من تستعينون به على عدوكم من أهل الكفر فهو آمن حتى تروده إلى مأمنه أو يقيم فيكم وإن نهيتم أن يؤمن أحد أحدا فجهل أحد منكم أو نسي أو لم يعلم أو عصى فأمن أحدا منهم فليس لكم عليه سبيل حتى تردوه إلى مأمنه ولا تحملوا اساءتكم على الناس وإنما أنتم جند من جنود الله وإن أشار أحد منكم إلى أحد منهم أن هلم فانا قاتلوك فجاء على ذلك ولم يفهم ما قيل له فليس لكم عليه سبيل حتى تردوه إلى مأمنه إلا أن يقيم فيكم وإذا أقبل إليكم رجل منهم مطمئنا وأخذتموه فليس لكم عليه سبيل إن كنتم علمتم أنه جاءكم متعمدا فإن شككتم فيه فظننتم أنه جاء كم ولم تستيقنوا ذلك فلا تردوه إلى مأمنه واضربوا عليه الجزية وإن وجدتم في عسكركم أحدا لم يعلمكم بنفسه حتى قدرتم عليه فليس له أمان ولا ذمة فاحكموا عليه بما ترون أنه أفضل للمسلمين. قال ابن وهب: وقال الليث والأوزاعي في النصراني يكون مع المسلمين فيعطى لرجل من المشركين أمانا قالا لا يجوز على المسلمين أمان مشرك ويرد إلى مأمنه.
|